rebelhomeschool.com
خواطر قرآنية 1 دقائق للقراءة فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [الحجر: 94] وكأن الله يُربي النبي بأن ينشغل ببناء الحق ، ولا ينشغل بهدم الباطل.
فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) يقول تعالى آمرا رسوله - صلوات الله وسلامه عليه - بإبلاغ ما بعثه به وبإنفاذه والصدع به ، وهو مواجهة المشركين به ، كما قال ابن عباس: ( فاصدع بما تؤمر) أي: أمضه. وفي رواية: افعل ما تؤمر. وقال مجاهد: هو الجهر بالقرآن في الصلاة. وقال أبو عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود: ما زال النبي - صلى الله عليه وسلم - مستخفيا ، حتى نزلت: ( فاصدع بما تؤمر) فخرج هو وأصحابه وقوله: ( وأعرض عن المشركين)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فكما أن الأثر السابق لا يصح، فكذلك هذا لا يصح، "وعن عروة بن الزبير أو غيره من العلماء: أن جبريل.. إلى آخره"، وجاء أيضًا بنحوه عن ابن عباس - ا- عند أبي نعيم ولكن بإسناد حكم عليه بالوضع، ولا يوجد من الآثار التي تشبه هذا ما هو أحسن حالًا وأقوى سندًا، ومجموع هذه الروايات يدل على أن لذلك أصلًا، والله أعلم. وقوله: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ [سورة الحجر:97-98] أي: وإنا لنعلم يا محمد أنك يحصل لك من أذاهم لك ضيق صدر وانقباض فلا يهيدنّك ذلك ولا يثنينك عن إبلاغك رسالة الله، وتوكل عليه فإنه كافيك وناصرك عليهم، فاشتغل بذكر الله وتحميده وتسبيحه وعبادته التي هي الصلاة، ولهذا قال: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ. قوله تعالى: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ، كقوله: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ [سورة الأنعام:33] وكقوله: فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا [سورة الكهف:6]، وقوله: فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ [سورة هود:12] الآية، فهذه الآيات ونظائرها تدل على هذا المعنى، وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ.
وَكَانَ يَقُول: لِلْعَرَبِ فِي ذَلِكَ لُغَتَانِ: إِحْدَاهُمَا أَمَرْتُك أَمْرًا, وَالْأُخْرَى أَمَرْتُك بِأَمْرٍ, فَكَانَ يَقُول: إِدْخَال الْبَاء فِي ذَلِكَ وَإِسْقَاطهَا سَوَاء.
حدثني أبو السائب، قال: ثنا ابن فضيل، عن ليث، عن مجاهد، في قوله ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ) قال: بالقرآن. حدثني أبو السائب، قال: ثنا ابن فضيل، عن ليث، عن مجاهد، في قوله ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ) قال: الجهر بالقرآن في الصلاة. حدثنا أحمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا شريك، عن ليث، عن مجاهد ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ) قال: بالقرآن في الصلاة. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء ، وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ) قال: اجهر بالقرآن في الصلاة. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو أسامة، قال: ثنا موسى بن عبيدة، عن أخيه عبد الله بن عبيدة قال: مازال النبيّ مستخفيا حتى نـزلت ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) فخرج هو وأصحابه. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ) قال: بالقرآن الذي يوحى إليه أن يبلغهم إياه ، وقال تعالى ذكره: ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ) ولم يقل: بما تؤمر به، والأمر يقتضي الباء ، لأن معنى الكلام: فاصدع بأمرنا، فقد أمرناك أن تدعو إلى ما بعثناك به من الدين خلقي وأذنَّا لك في إظهاره.
وتصدع القوم: أي تفرقوا، ومنه قوله سبحانه: { يومئذ يصدعون} (الروم:43) أي: يتفرقون. وصدعته فانصدع: أي انشق. ويقال: صدع بالحجة، إذا تكلم بها جهاراً. وفي الآية هنا استعمل (الصدع) في لازم الانشقاق، وهو ظهور الأمر المحجوب وراء الشيء المنصدع، والمراد هنا الجهر والإعلان. الوقفة الثانية: روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قوله { فاصدع بما تؤمر} يقول: فأمضه. وعنه أيضاً: افعل ما تؤمر. وعن مجاهد قال: هو القرآن، وعنه: الجهر بالقرآن في الصلاة. الوقفة الثالثة: قال سبحانه: { فاصدع بما تؤمر} ولم يقل: بما تؤمر به، و(الأمر) يقتضي (الباء) لأن معنى الكلام: فاصدع بأمرنا، قال الفراء: أراد فاصدع بالأمر، أي: أظهر دينك، فـ (ما) مع الفعل على هذا بمنزلة المصدر. وقال ابن الأعرابي: معنى { اصدع بما تؤمر} أي: اقصد. وذهب بعض أهل العلم إلى أن حذف (الباء) التي يوصل بها (تؤمر) من قوله: { فاصدع بما تؤمر} على لغة الذين يقولون: أمرتك أمراً، قالوا: للعرب في ذلك لغتان: إحداهما: أمرتك أمراً. والأخرى: أمرتك بأمر، قالوا: وإدخال (الباء) في ذلك وإسقاطها سواء. قال ابن عاشور: "وقَصْدُ شمول الأمر كل ما أُمِرَ الرسول صلى الله عليه وسلام بتبليغه، هو نكتة حَذْفِ مُتَعَلَّق { تؤمر} فلم يصرح بنحو: بتبليغه، أو بالأمر به، أو بالدعوة إليه، وهو إيجاز بديع".
تفسير الآيات: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}: يقول الله تعالى آمراً رسوله صل اللّه عليه وسلم بإبلاغ ما بعثه به وبإنفاذه والصدع به، وهو مواجهة المشركين به، كما قال ابن عباس في قوله: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}: أي أمضه؛ وفي رواية افعل ما تؤمر. وقال مجاهد: هو الجهر بالقرآن في الصلاة، وقوله: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}: أي بلغ ما أنزل إليك من ربك، ولا تلتفت إلى المشركين الذين يريدون أن يصدوك عن آيات اللّه {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم:9] ولا تخفهم، فإن اللّه كافيك إياهم، وحافظك منهم. كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة:67]، وعن أنَس مرَّ رسول اللّه صل اللّه عليه وسلم فغمزه بعضهم، فجاء جبريل – أحسبه قال: فغمزهم – فوقع في أجسادهم كهيئة الطعنة فماتوا [أخرجه الحافظ البزار] في قوله تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}. {الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر:96] تهديد شديد ووعيد أكيد لمن جعل مع اللّه معبوداً آخر، {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ}: أي وإنا لنعلم يا محمد أنك يحصل لك من أذاهم لك ضيق صدر وانقباض، فلا يضايقنك ذلك، ولا يثنينّك عن إبلاغك رسالة اللّه وتوكل عليه، فإنه كافيك وناصرك عليهم، فاشتغل بذكر اللّه وتحميده وتسبيحه وعبادته التي هي الصلاة.
أي: فاجهر - أيها الرسول الكريم - بدعوتك، وبلِّغ ما أمرناك بتبليغه علانية، وأعرض عن سفاهات المشركين وسوء أدبهم؛ قال عبدالله بن مسعود: ما زال النبي صلى الله عليه وسلم مستخفيًا بدعوته حتى نزلت هذه الآية. قوله تعالى: ﴿ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴾؛ أي: عن الاهتمام باستهزائهم وعن المبالاة بقولهم، فقد برَّأك الله عما يقولون، وقال عبدالله بن عبيد: ما زال النبي صلى الله عليه وسلم مستخفيًا حتى نزل قوله تعالى: فاصدع بما تؤمَر، فخرج هو وأصحابه، وقال مجاهد: أراد الجهر بالقرآن في الصلاة، والإعراض عن المشركين: الإعراض عن بعض أحوالهم لا عن ذواتهم، وليس المراد الإعراض عن دعوتهم؛ لأن قوله تعالى: ﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ ﴾ مانع من ذلك. 2- قوله تعالى: ﴿ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ﴾: إذا قلت: كفيتك عدوَّك، فالمراد: كفيتك بأسه، وإذا قلت: كفيتك غريمك، فالمراد: كفيتك مطالبتَه، فلما قال هنا: ﴿ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ﴾، فهم أن المراد كفيناك الانتقام منهم، وإراحتك من استهزائهم.